منتدي النفط
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

قصة البترول السوداني - 8 -- ردود الفعل الدولية والإقليمية والداخلية في السودان لجهود استنهاض صناعة الطاقة في السودان-- أيمن عبدالله

اذهب الى الأسفل

قصة البترول السوداني - 8 -- ردود الفعل الدولية والإقليمية والداخلية في السودان لجهود استنهاض صناعة الطاقة في السودان-- أيمن عبدالله Empty قصة البترول السوداني - 8 -- ردود الفعل الدولية والإقليمية والداخلية في السودان لجهود استنهاض صناعة الطاقة في السودان-- أيمن عبدالله

مُساهمة من طرف Admin الإثنين أبريل 27, 2015 5:08 pm

ردود الفعل الدولية والإقليمية والداخلية في السودان لجهود استنهاض صناعة الطاقة في السودان
يعالج
هذا الجزء بشكل سريع ردود الفعل الدولية والإقليمية والداخلية في السودان لجهود استنهاض صناعة الطاقة في السودان. إن قراءة سريعة للوثائق التي بين أيدينا تشير إلى أن حملة دولية وإقليمية وداخلية شرسة قد رافقت جهود استخراج النفط في السودان. وفي الواقع أن الحملة ضد حكومة السودان خلال الفترة من 1990-2009 لم تكن فقط بسبب جهودها لاستخراج النفط، فقد اتهمت الحكومة السودانية منذ وقتٍ مبكر بانحيازها إلى نظام صدام حسين ومباركتها لغزو جيش النظام العراقي لدولة الكويت. كما اتهمت بتجميع العناصر الإرهابية الدولية تحت قبة  المؤتمر الشعبي العربي الإسلامي في الخرطوم ومساعدة الحركات الأصولية في عدد من البلدان العربية ومحاولة زعزعة الاستقرار في عدد من دول الجوار ثم اتهام مصر وأثيوبيا لحكومة الخرطوم بأنها تقف وراء محاولة اغتيال الرئيس حسني مبارك أثناء حضوره مؤتمر القمة الإفريقية في اديس أبابا في عام 1995. وكانت على رأس هذه الحملة الولايات المتحدة الأمريكية التي انتقلت في 20 اغسطس 1998 من مرحلة العداء الدبلوماسي والإعلامي لحكومة الخرطوم، إلى مرحلة الفعل وذلك عندما قصفت صواريخها مصنع الشفاء في قلب العاصمة الخرطوم.
هذه كانت صورة حكومة الخرطوم في المرآة الدولية آنذاك إذ ناصب عدد كبير من الدول -من أقصى الغرب إلى أطراف الخليج العربي البعيدة إلى المغرب العربي، إلى تخوم البحر الأبيض المتوسط- حكومة الخرطوم العداء.
هذا بالطبع بالإضافة للنشاط السياسي والإعلامي والعسكري الكبير للتجمع الوطني الديمقراطي السوداني المعارض والحركة الشعبية لتحرير السودان.
لقد كانت كل هذه القوى مجتمعة جزءاً من حملة دولية واسعة ضد حكومة  الخرطوم. تسعى بكل السبل العسكرية والدبلوماسية لاسقاطها. وكان من أهم أسلحة إسقاط حكومة الخرطوم هو محاصرتها اقتصاديا ومنعها من الحصول على موارد مالية لتسيير جهاز الدولة ومواصلة الحرب في الجنوب ومواجهة المعارضة داخلياً وعسكرياً.  وكانت حكومة الخرطوم تعرف ذلك وكان أمامها خيار وحيد للصمود وهو استخراج النفط.
وفي الواقع كانت القوى الداخلية والخارجية تستهين بشكل كبير بقدرة حكومة الخرطوم على استخراج النفط حيث اعتبرت المعارضة الداخلية في السودان أن حديث الحكومة عن استعدادها لاستخراج النفط هو من باب الدعاية السياسية فقط بينما كانت الشركات الغربية الكبرى مثل شيفرون ترى من الصعب أن تنجح حكومة الخرطوم في استخراج النفط في ظل ظروف الحرب في الجنوب والحصار الدولي المفروض على الحكومة.
وعندما أدرك الجميع أن الحكومة السودانية تتجه حقيقة لاستخراج النفط بدأت عدة جهات دولية وإقليمية ومحلية حملة إعلامية وسياسية ودبلوماسية وعسكرية لعرقلة جهود الحكومة لاستخراج النفط أو وقف تدفقه وقد افتتحت الولايات المتحدة الأمريكية هذه الحملة وذلك عندما أجاز الكنغرس الأمريكي في 3/نوفمبر 1997 قانون سلام السودان حيث حرم الأمر التنفيذي رقم 13067 الشركات والأفراد الأمريكيين من تقديم معاملات أو تسهيلات مالية تساعد السودان على بناء البنية الأساسية الخاصة باستغلال النفط مثل تمويل أو مد أنابيب النفط.[303]
وقد سبق هذا القانون حملة بدأها في عام 1996 عدد من منظمات حقوق الإنسان والمنظمات المسيحية مثل العون المسيحي Christian Aid والبعثة الإنجيلية الأمريكية، ضد صناعة النفط السودانية ومارست ضغوطا على شركات النفط العاملة في السودان للخروج من السودان.[304] حيث تحولت كجزء من هذه الحملة شركة أراكس الكندية التي كانت تعمل آنذاك في السودان إلى موضوع رئيسي في الإعلام الكندي.[305]
وبنجاح السودان في تصدير أول شحنة للنفط في عام 1999 اشتدت الحملة الإعلامية والدبلوماسية الغربية وبلغت هذه الحملة ذروتها في عامي2001-2002م. حيث اتهمت دول ومنظمات السودان بأنه يمارس سياسات الأرض المحروقة وعمليات تهجير السكان المحليين المنظمة في جنوب السودان لفتح الطريق أمام مزيد من عمليات التنقيب والإنتاج. وأشارت صحيفة الواشنطن بوست إلى أن الحكومة السودانية تنفق ما بين 300-400 مليون دولار أمريكي من عائدات النفط سنوياً لشراء الأسلحة.[306] هذا وقد بلغت الضغوط على شركات النفط العالمية في السودان حدًا زعمت فيه صحيفة Sunday Telegraph اللندنية “أن الصين أرسلت عن طريق السفن والطائرات عشرات الآلاف من الجنود ومرتادي السجون للدفاع عن حقول النفط التابعة للشركات الصينية في السودان”.[307] وقد نفت الصين هذه التقارير بشدة ووصفها الناطق الرسمي باسم وزارة الخارجية” بأنها سخيفة ومضحكة ridiculous”.[308]
هذا بينما أشارت تقارير أمريكية وغربية أخرى إلى أن هناك أكثر من 40 ألف جندى صيني يقاتلون قوات الحركة الشعبية لتحرير السودان في الجنوب. ونقلت صحيفة الشرق القطرية عن صحيفة الديلي تلغراف قولها” أن الخرطوم أصبحت بوابة الجيش الأحمر للقارة السمراء وأن ما يحدث هناك هو اتفاق بين الشيوعية والتطرف الديني”.[309]كما شهد عام 2000 ضغوطاً أمريكية مباشرة على الشركات الصينية إذ عارضت أجزاء مؤثرة في الإدارة الأمريكية جهود مؤسسة CNPC لتسجيلها في بورصة نيويورك في إبريل 2000 إذ اعتبرت نشاط CNPC في السودان تعاوناً مع دولة ترعى الإرهاب، الأمر الذي أجبر مؤسسة CNPC على إنشاء شركة جديدة هي شركة Petro–China التي أعلنت أنها لا تملك أصولاً غير صينية وذلك لتفادى انتقادات مجموعات حقوق الإنسان التي تعارض تسجيل CNPC في بورصتي   نيويورك وهونغ كونغ[310] وقد سارع البيت الأبيض بتعيين لجنة تحقيق للنظر فيما إذا كانت شركة Petro –China لا تزال تضم أصولCNPC السودانية.[311]
وكانت مؤسسة Sinopec الصينية التي تسعي هي الأخرى للتسجيل في البورصات الدولية قد أعلنت على لسان المتحدث الرسمي باسمها مستفيدة من تجربة مؤسسة CNPC” أن أي من فروعها الهندسية ما عادت تعمل في السودان وأن المؤسسة قد باعت أصولها واستثماراتها في السودان لمؤسسة CNPC”. وقال المتحدث أن شركتهم المسماة( Zhongyuan Petroleum Exploration Bureau, ZPEB) التي تعمل في مجالات التنقيب عن الغاز والنفط والخدمات الهندسية والفنية قد باعت حصتها في مربع6 في السودان لمؤسسة CNPC بمبلغ لم تحدده” . وقد جاء هذا الإعلان قبل وقت قصير من طرح Sinopec اسهما بقيمة 3.4 مليار دولار أمريكي في أسواق البورصة العالمية. وبالرغم من أن إعلان Sinopec بيع أصولها وتصفية أعمالها في السودان قد خفف انتقادات جماعات حقوق الإنسان في الغرب وسهل مهمة تسجيلها في بورصت  نيويورك وهونغ كونغ  إلا أن هذه الجماعات قد شككت في مصداقية إعلان المؤسسة بيع أصولها في السودان وتوقف أعمالها هناك.[312]
وفي الواقع أن المؤسسة – كما رأينا سابقاً- بالرغم من إعلانها أنها تخلت عن أعمالها في السودان، قد ظلت تعمل في مجال الخدمات الهندسية والحفر والجيولوجيا حتى عام 2003 على أقل تقدير. وكانت الشركة قد بدأت أعمالها في عام 1996 في السودان حيث حصلت على بعض العطاءات من مؤسسة CNPC في ذلك العام. ومن شركة Gulf Petroleum في عام 1997. كما عملت الشركة مع كونسورتيوم شركة النيل الكبرى ومع شركتي Sudapet و Lundin Pet.UK في عمليات حفر واختبار الآبار في مربع 5.[313]
هذا فيما شهد مارس 2001 حملة قادتها منظمة العون المسيحي حيث نشرت هذه المنظمة تقارير بعناوين مثل Scorched land and oil in Sudan و Bloody oil  وقد اتهمت هذه التقارير حكومة السودان بإرتكاب جرائم حرب وحرق القرى وترحيل السكان وإرغامهم على النزوح من مناطق تواجد النفط.[314] هذا فيما اضطرت الحكومة السودانية أن تنفي في بيان منشور تقارير نشرتها صحيفة الزمان اللندنية في مارس 2001 اشارت إلى أن الصين قد وضعت شروطاً مسبقة لاستثماراتها في قطاع النفط في السودان من ضمنها السماح للصين بنصب صواريخ بعيدة المدى في ساحل البحر الأحمر السوداني. [315]
ومع تصاعد الحملة الغربية ضد الاستثمارات النفطية في السودان خصصت صحيفة انترناشوينال هيرالد تربيون الصادرة في 17-18 مارس 2001 افتتاحيتها للاستثمارات النفطية في السودان حيث دعت الصحيفة تحت عنوان Weight in on Sudan إدارة الرئيس جورج بوش إلى ممارسة ضغوط لوقف أو تعطيل صناعة النفط في السودان، وأشارت الصحيفة الواسعة الانتشار إلى أن النفط يدر 500 مليون دولار أمريكي سنويا لحكومة السودان تستخدمها لمضاعفة الأنفاق العسكري. ونبهت الصحيفة إلى انضمام شركة lundin oil وOMU الاسترالية إلى صفوف المستثمرين في صناعة النفط في السودان، وذكّرت افتتاحية الصحيفة هذه الشركات “بحرق القرى في جنوب السودان لفتح الطريق أمام الشركات مشيرة إلى إزالة قرية Chotyiel من الوجود بعد أن تم قصفها بطائرات الهيلوكوبتر المزودة برشاشات”. ودعت الصحيفة إلى منع الشركات التي تعمل في السودان من تسجيل أصولها في البورصة الأمريكية محذرين من أن نصف الشركات يمكن أن تسجل أصولها في البورصات الأجنبية وبيع أسهمها لمساهمين في الولايات المتحدة.[316] كما اتهمت منظمات امريكية ودولية ومراقبون الحكومة السودانية بانها ازالت بلدة Nhialdiu من الوجود في هجوم شنته قوات الحكومة على البلدة. [317]
وقد تبع هذه الافتتاحية بعد ثلاثة أيام تقرير من صحيفةSunday Morning post التي تصدر في هونغ كونغ نقلا أيضا عن مصادر غربية أشارت فيه إلى أن المليشيات الحكومية المسلحة أجبرت عشرات الآلاف من السكان للنزوح بعيدا عن مناطق امتياز الشركات الصينية في عدارييل في شرق أعالي النيل وأن القوات حرقت عشرات القرى وقتلت نساء ورجال وأطفال وأجبرتهم على عبور النهر باتجاه أثيوبيا. [318] كما عادت اللجنة الأمريكية للحريات الدينية العالمية US Commission on International Religious Freedom في مايو 2001 للدعوة إلى منع الشركات العاملة في قطاع النفط في السودان من بيع سنداتها المالية والتسجيل في البورصات الأمريكية. [319]
وقد دفعت ضغوط المنظمات الدينية الغربية ومنظمات حقوق الإنسان ومجموعات الضغط الأخرى مجلس النواب الأمريكي إلى إجازة قانون يعاقب الشركات الأجنبية العاملة في قطاع النفط في السودان وهو القانون المعروف بالرقم 422-2 وذلك في يوم 13 يونيو 2001. كما أجاز المجلس تعديل يمنع هذه الشركات من التعامل في بورصة الأسهم بنيويورك أو تنمية رؤوس أموالها في الولايات المتحدة أو المساهمة في سوق السندات الأمريكية. وقد شمل القرار كافة الشركات الأجنبية العاملة في السودان في ذلك الوقت.[320] وكانت تلك الشركات ساعة صدور هذا القانون هي:
– CNPC,
– Gulf Petroleum Co. of Qatar,
– Lundin oil Corp of Sweden,
– Petronas of Malaysia,
– Total fina/Eif of France,
– Telisman Energy corp. of Canada.
هذا وكانت الصين ترد أحيانا على الحملة الغربية على استثماراتها في السودان عبر المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية الصينية أو عن طريق مندوبها في الأمم المتحدة وأحيانا عبر وكالة أنباء الصين الجديدة التي نشرت تقريرا مطولا في أكتوبر2001 أشارت فيه إلى أن ” أحد أهداف الاستراتيجية الأمريكية في إفريقيا هو الحصول على الثروات خاصة النفط وإن اهتمام الولايات المتحدة الأخير بازمة جنوب السودان والحرب الأهلية هناك لا يخرج عن تلك الاستراتيجية.[321] هذا وقد تقدمت منظمات حقوق الإنسان مثل Human Right Watch خطوة أبعد في  حملتها ضد الشركات و المؤسسات العاملة في السودان عندما اتهمت هذه المنظمة في تقرير  صدر في 2003م تلك الشركات و المؤسسات بأنها أصبحت شريكة في الحرب في السودان وأنها ضالعة في عمليات النزوح والقتل والتدمير التي ترافقها.” [322]
هذا وقد شكل إنفجار الأوضاع في دارفور في مطلع عام 2003 فرصة جديدة للدول الغربية لمهاجمة الاستثمارات الأجنبية في قطاع النفط في السودان حيث حاولت الولايات المتحدة وحلفاؤها الغربيين تضمين مشاريع القرارات الخاصة بالعقوبات على حكومة السودان مادة تنص على فرض عقوبات نفطية على السودان. وظلت الصين بسبب مصالح شركاتها النفطية تلوح أيضا باستخدام حق النقض ( الفيتو) لاحباط أي مشروع قرار يتضمن عقوبات في قطاع النفط إذا لم تدخل عليه تعديلات تستثني النفط من دائرة الصراع بين حكومة السودان والغرب. [323]
وبسبب معارضة الصين المستمرة لفرض خطر نفطي على السودان، اتهمت صحيفة الواشنطون بوست الصين بأنها تقدم الاستثمارات والسلاح والحماية الدبلوماسية لدولة تتهمها الأمم المتحدة بإرتكاب مجازر في دارفور وإجلاء السكان عن أرض أسلافهم التاريخية لفتح الطريق أمام عمليات التنقيب وإنتاج النفط.[324]
وكان من المتوقع أن يؤدي توقيع اتفاق السلام الشامل بين الحكومة السودانية والحركة الشعبية لتحرير السودان في يناير 2005 إلى وقف الحملة ضد الاستثمارات العالمية في قطاع النفط في السودان، إلا أننا نلاحظ وبالرغم من الدعم الدولي الذي حظيت به الاتفاقية التي انهت عشرين عاما من الحرب إلا أن الحملة ضد الاسثتمارات الأجنبية في السودان لم تتوقف إذ اتهمت مجموعة عمل تابعة لمجلس العلاقات الخارجية الأمريكي وهي منظمة مستقلة ذات تأثير كبير في تقرير لها صدر في ذات العام، اتهمت الصين بتحدى الولايات المتحدة في إفريقيا وذلك بالتهديد المستمر باستخدام حق النقض الفيتو لحماية السودان المتهم بجرائم ضد الإنسانية في دارفور.[325]
ومرة أخرى تعرضت الشركات الصينية في أكتوبر 2005 إلى ضغوط دولية وذلك عندما قررت شركة Petro–China أن تدخل في شراكة عمل مع الشركة الأم (Parent Company) مؤسسة CNPC وذلك باستثمار مشترك قدره 206 مليار يوان صيني. وبذلك تضم Petro–China أصول نفطية تابعة لمؤسسة CNPC في آسيا الوسطي وإفريقيا وجنوب شرق آسيا. إلا أن أصول مؤسسة CNPC السودانية برزت مرة أخرى بسبب الضغوط الدولية كمعضلة في حسابات الشراكة الجديدة. ومرة أخرى اضطرت CNPC للاحتفاظ بأصولها في السودان والمقدّرة آنذاك بأكثر من 50% من احتياطاتها الخارجية واستثنيت بذلك أصول الشركة في السودان من هذه الشراكة. وقد أعلن المسؤول المالي الأول في petro–China السيد/ Wang Guoliang أن الشركاء سيضمون أصول CNPC النفطية في السودان عندما تتحسن الأجواء السياسية وتخف الضغوط الدولية. [326]
إلا أن الضغوط الدولية السياسية والإعلامية والدبلوماسية لم تخف بل تواصلت في عام 2006 حيث زادت الأقلام الغربية من انتقاداتها للاستثمارات الصينية في السودان حيث وصف الصحفي المعروف Stephen Mark الاستثمارات الصينية في السودان بأنها جزء من حزمة متكاملة تشمل المساهمة في البنية الأساسية في السودان والتجارة والدعم الدبلوماسي في الأمم المتحدة. [327]
كما قررت ست جامعات وثلاثة ولايات أمريكية في مارس 2006 من ضمنها جامعة بيل وجامعة كليفورنيا التخلي عن الأسهم التي تمتلكها في شركات نفطية تعمل في السودان وأعلن مجلس أمناء جامعة كليفورنيا الانسحاب من صناديق المؤشرات Index Fund) ( التي تستثمر في تسع شركات قال إنها تساعد في عمليات الإبادة الجماعية في السودان. مشيرا إلى أنهم سيسحبون كل استثماراتهم التي أجريت عن طريق صناديق المؤشرات في الشركات العاملة في السودان بما فيها شركتان هما Sinopec و Petro–China بالرغم من إعلان الشركتين أن أصول السودان غير مضمنة في أصولهما. هذا بينما تدرس ثمان ولايات أخرى إصدار تشريعات مماثلة.[328] إنتهزت الشركات و المؤسسات الغربية المعارضة للإستثمارات الصينية في السودان تفاقم الأزمة السياسية و الإنسانية في دارفور فواصلت حملتها على الشركات الصينية حتى عام 2009م متهمة الصين بأنها بسبب مصالحها النفطية في السودان لم تمارس ضغوطاً كافية لإقناع حكومة الخرطوم على تحسين الأوضاع في إقليم دارفور. [329] *
على صعيد الموقف الروسي من الاستثمارات الدولية في قطاع النفط في السودان، فكما هو معروف فإن الروس قد شجعوا ومنذ وقت مبكر شركاتهم على الاستثمار في هذا المجال في السودان، وقد عبر عن ذلك بوضوح نائب وزير الخارجية الروسي أثناء زيارته للخرطوم في إبريل 1998 حيث أكد على رغبة بلاده في الاستثمار في هذا القطاع. [330] إلا إن الشركات الروسية وحتى فبراير 2009 لم تنضم إلى صفوف الشركات الأجنبية العاملة في قطاع النفط في السودان .*
أما ماليزيا فقد واجهت الحملة الأمريكية ضد استثمارات بتروناس في السودان بشئ لا يخلو من الحدة فقد رد رئيس الوزراء الماليزي مهاتير محمد على الحملة الأميركية مشيرا إلى” أن تحرك واشنطن لفرض عقوبات تجاربة على عمليات بتروناس في السودان هو إجراء من جانب واحد وأن الشركات الماليزية لها الحق في العمل في أي مكان تريد.” [331]
هذه أهم النماذج التي تكشف عن ردود الفعل الدولية تجاه الاستثمارات الخارجية في قطاع النفط في السودان.
على الصعيد الإقليمي كانت الكثير من الدول في المنطقتين الأفريقية و العربية تنظر – ربما متأثرة بدعاية المعارضة السودانية – إلى محاولات الحكومة السودانية لاستخراج النفط دون اكتراث بحسبان أن السودان لن ينجح في ظل ظروف الاضطراب الداخلي والحصار الدولي في استخراج النفط، بل أن دولة مثل جمهورية مصر العربية وخصوصاً بعد محاولة اغتيال الرئيس حسني مبارك في عام 1995م قد عبرت عن عدم ارتياحها مباشرة للسلطات الصينية أثناء زيارات الرئيس حسني مبارك وغيره إلى الصين، للنشاط الاستثماري الصيني في قطاع النفط في السودان.[332]
كما أشار باحثون مصريون في أوراق قدمت في مؤتمرات دولية عقدت في الصين مثل الأستاذ علي أحمد فلفل عميد معهد البحوث والدراسات الأفريقية بجامعة القاهرة  ربما في إشارة الي النشاط الصيني في السودان إلى” تقاطع المصالح المصرية – الصينية في حوض النيل” وقد دعا الباحث المصري قادة نلاده والصين لمعالجة هذا الوضع وذلك بتنسيق المواقف ومراعاة المصالح المشتركة في هذه المنطقة الهامة بالنسبة لمصر. [333] و يمكن فهم موقف مصر تجاه الاستثمارات الصينية في قطاع النفط بعد القطيعة المؤلمة التي أحدثتها المحاولة الإرهابية لاغتيال الرئيس  المصري حسني مبارك و التي تعتقد كثير من الأطراف و منها أطراف كانت نافذة داخل حكومة الرئيس عمر البشير بأن الحكومة السودانية كانت متورطة في هذه المحاولة.
إلا أن موقف المعارضة السودانية بشقيها الشمالي والجنوبي لم يكن مختلفا عن الموقف المصري آنذاك، فالمعارضة الشمالية وعلى رأسها التجمع الوطني الديمقراطي التي وما أن أدركت أن حديث الحكومة حول استخراج النفط ليس للدعاية السياسية، وأن زمان تصدير النفط قد اقترب حتى بدأت حملة إعلامية ودبلوماسية واسعة ضد الاستثمارات الأجنبية في هذا القطاع فأصدر التجمع في يونيو 1997 ومارس 1998 على التوالي عددا من التحذيرات ضد الدول والشركات الأجنبية العاملة في قطاع النفط معتبرها أهدافاً عسكرية مشروعه. كما اعتبر الدول التي تدعم حكومة الخرطوم ماليا وعسكريا شريكة في الحرب على شعب السودان وذلك في إشارة واضحة للصين. بل ذهب التجمع أكثر ليعلن  أنه” لن يعترف بالاتفاقيات التي تبرمها هذه الدول والشركات مع النظام الحالي”.[334]
وقد حاول فاروق أبو عيسى أحد قيادات التجمع أن يقدم تفسيرا لموقف التجمع من الاستثمارات الدولية في قطاع النفط فأشار في حديث لمجلة المجلة إلى ” أن من الطبيعي أن يسعى التجمع لاعاقة مشاريع نظام الجبهة الإسلامية لأن هذه المشاريع تهدف بالدرجة الأولى لتثبيت أركان النظام وتقوية آلياته وأجهزته القمعية لقهر الشعب.”[335]
هذا وقد اتبع التجمع أقواله بالفعل في سبتمبر 1999 عندما أعلن عبد الرحمن سعيد المتحدث باسم القيادة العسكرية للتجمع أن قوات تابعة للتجمع قد فجرت خط أنابيب النفط بالقرب من مدينة عطبره في شمال السودان. [336] وقد استمر التجمع ينتقد وإلى وقت قريب دور الشركات الأجنبية العاملة في قطاع النفط.
الحركة الشعبية لتحرير السودان اعتبرت هي الأخرى آبار ومنشاءات النفط أهدافاً عسكرية بل اعتبرت أن وقف إنتاج النفط من أهم شروط وقف إطلاق النار وبدء المفاوضات بينها والحكومة للتوصل إلى تسوية سلمية للنزاع [337] وبالفعل دارت عدة معارك في مناطق بالقرب من منشاءات النفط. وكان المتحدث باسم الحركة الشعبية ياسر عرمان قد أعلن في يونيو 2000 ” أن اندلاع المعارك أرغم الحكومة على إغلاق ستة آبار نفط في منطقة هجليج” وقال بيان الحركة آنذاك” إن إغلاق هذه الآبار يشكل بداية النهاية لأكبر عملية تبذير للموارد الاقتصادية في السودان من قبل نظام الخرطوم”.[338]
وكانت وكالة أنباء الصين الجديدة قد أشارت إلى أن الحكومة السودانية قد أوقفت العمل في ستة آبار نفط في جنوب غرب السودان بسبب المعارك. [339]
هذا فيما عادت الحركة الشعبية لتعلن في أغسطس 2001 عن نجاحها في شن عدد من الهجمات على احد حقول النفط الرئيسية في ولاية الوحدة في جنوب السودان معلنين تدميرهم منشاءات نفطية في المنطقة وطلبوا من شركات النفط العاملة هناك الانسحاب. ونقل عن القائد ياسر عرمان” أن وحدة خاصة بالجيش الشعبي تمكنت لأول مرة من مهاجمة المركز الرئيسي لإنتاج النفط في مدينة هجليج في ولاية الوحدة.[340] هذا وكانت صحيفة Washington Post قد نقلت في ديسمبر 2004 عن مصدر صيني رسمي قوله” أن الحكومة الصينية طلبت من الخرطوم إرسال مزيد من القوات السودانية للمناطق التي تعمل بها الشركات الصينية لتعزيز الوضع الأمني هناك.” [341]
ولم يعد النفط في واقع الأمر هدفا لقوات المعارضة في شمال وجنوب السودان بل أيضا للقوات التي تقاتل المركز في غرب السودان حيث تمكنت هذه القوات في 18/12/2004 من مهاجمة حقل شارف للنفط في جنوب دارفور. وقد سبب هذا الهجوم قلقاً كبيراً للحكومة التي أعلنت أن مواقع النفط خطاً أحمراً لا يسمح بتجاوزه.[342]
وأمام احتمالات تزايد هجمات الحركات المسلحة في شرق وغرب السودان على منشاءات النفط التي تعمل في معظمها شركات صينية، ومع تزايد الشائعات والتقارير التي تشير إلى وجود صيني مسلح حول آبار النفط التي تعمل فيها الشركات الصينية اضطر وزير الطاقة والتعدين د. عوض الجاز أن ينفي في مؤتمر صحفي عقده في 22 دسمبر 2004 شائعات وجود صيني مسلح حول مناطق النفط حيث قال” إن المستثمر الأجنبي في ذمة الدولة وهي كفيلة بحمايته ولن نسمح بأن نستجير باي أجنبي لحماية أمن بلادنا وأن السودان لم يسند أي دور للصين لحماية المنشاءات النفطية.” [343]
وبالرغم من نفي وزير الطاقة للتقارير التي تشير إلى ضلوع الصينيين في حماية آبار النفط إلا أن قيادات الحركة الشعبية لتحرير السودان ظلت وحتى قبل أسبوع واحد من توقيع اتفاقية السلام يشيرون إلى أن بعض طائرات الهيلوكوبتر المزودة بالرشاشات والتي شاركت مباشرة في القتال وقصف المدنيين كانت غالبا ما تقلع من قواعد وممرات داخل منشاءات شركات النفط الصينية في جنوب السودان. كما تتم صيانتها هناك ونقل مراسل الواشنطون بوست عن بعض قيادات الحركة الشعبية قولها” أن الصينيين سيفعلون كل شيئ  للحفاظ على استثماراتهم في قطاع النفط” ونقلت صحيفة واشنطون بوست عن قياديين في الحركة الشعبية قولهم أن الصينيين جزء من الحرب في الجنوب”  بل أن ثلاثة من قادة الحركة-مثل ستيفن مايانغ Stephen Mayang ، لام أكول Lam Akol  ، دينق أوو  Deng Awou – نقلوا للصحيفة قولهم بأن الحركة سوف تعاقب الصين عندما يصبحون جزء من الحكومة بشكل رسمي.” [344] هذا بينما نوّه دينق أوو Deng Awou إلى احتمالات الغاء الاتفاقيات مع الصين بسبب ما وصفه” بمعاناة الناس على يد الصينيين”[345] على حد تعبيره.
إلا أن الحركة وبعد أن اقتربت من شؤون الحكم وبالرغم من تحفظها على إشراك قوات من دولة آسيوية لها شركات أو تحالفات سابقة مع حكومة الخرطوم مثل الصين وماليزيا ضمن قوات الأمم المتحدة لمراقبة وقف إطلاق النار واتفاقية السلام في جنوب السودان [346] إلا أنها سرعان ما اتخذت موقفا ايجابيا تجاه الصين. إذ يبدو ان الأمريكيين الذين قادوا الحملة ضد الاستثمارات النفطية الدولية في السودان أرادوا أن يتلمسوا موقف زعيم الحركة الشعبية لتحرير السودان آنذاك جون قرنق أثناء زيارته للولايات المتحدة في فبراير 2005 حيث واجهته أجهزة الإعلام الأمريكية بما اسمته بنوايا الصين في السودان ومصلحتها في استمرار القتال في جنوب السودان. وقد رد زعيم الحركة قائلا” لماذا .. لماذا.. تريد بلد مثل الصين أن تستمر التوترات في السودان، إن الصين لا مصلحة لها في ذلك بل على العكس أن الصين تريد استقرار الأوضاع في السودان” وأضاف ” لا يعني أن الصين تبيع سلاحا لحكومة الخرطوم أنها ترغب في استمرار الحرب هناك”.[347] وقد جاءت هذه التصريحات قبيل آيام قليلة من أول زيارة لوفد الحركة الشعبية للصين وذلك خلال الفترة من 17 إلى 22 مارس 2005م حيث أكدت الحركة الشعبية على استعدادها التام للتعاون مع الصين من موقعها الجديد كشريك في حكومة الوحدة كما أكدت على عكس تصريحات بعض قياداتها السابقة على احترامها لكل الاتفاقيات السابقة الموقعة بين الصين وحكومة السودان.[348] الصين من طرفها حرصت على تنظيم لقاء حار لوفد الحركة الشعبية لتحرير السودان حيث التقى الوفد في بكين بقيادات سياسية وحزبية هامة[349] هذا فيما أشاد وزير الخارجية د. لام أكول عن الحركة الشعبية لتحرير السودان في عدد من التصريحات بدور الصين في السودان وفي إفريقيا. كما لم تعترض الحركة -كما أعلنت من قبل- على اشتراك قوات صينية في قوات الأمم المتحدة لمراقبة وقف إطلاق النار في جنوب السودان.
هذا على صعيد موقف المعارضة السودانية من مسألة الاستثمارات الدولية في قطاع النفط بشكل عام والصينية بشكل خاص. وقد رأينا قبل أن نختتم هذا الجزء من الدراسة أن نعرج على بعض مواقف بعض السياسيين والمفكرين الإسلاميين السودانيين تجاه مسألة التعاون السوداني الصيني في قطاع النفط ، فبالرغم من أن معظم قيادات ومفكري الحركة الإسلامية ينظرون بامتنان كبير للمساعدات القيمة التي قدمتها الصين للحكومة السودانية في هذا القطاع ؛ إلا أن بعض مفكري التيار الإسلامي في السودان مثل المفكر الإسلامي د .حسن مكى يبدون غير مطمئنين بشكل كامل لطبيعة الاتفاقيات الموقعة بين السودان والصين في قطاع النفط، حيث أشار مكى في حوار مع صحيفة “الجمهورية” بمناسبة مرور عشرة أعوام على حكومة الإنقاذ “إن البترول اضطرنا أن نعطي الصين شيكاً على بياض نتيجة لظروف الضغط الدولي و إن مصفاة الجيلي كانت ستكلف بضع ملايين  ربما يصل إلى500-600 مليون دولار أمريكي، وفي ظروف أخرى ربما تكون أقل خصوصاً أن إنتاجها لا يزيد عن 50 ألفا برميل في اليوم – في ذلك الوقت- وكذلك خط الأنابيب”، معرباً عن قلقه أيضا عن ما أسماه” انعدام الخبرة السودانية في المصفاة وخط الأنابيب” وأضاف” كنا نأمل أن تكون هذه المنشآت مجالاً للخبرة السودانية وفتح أبواب العمل بها”.[350] *
Admin
Admin
Admin

Posts : 103
عدد النقاط : 304
Join date : 23/04/2015
Age : 65
Location : Khartoum - Shambat

https://sudanoil.sudanforums.net

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة


 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى